طبيعة الضوء
الضوء يعد من
أشكال الطاقة الموجودة حولنا في الطبيعة ، والتي نتفاعل معها في حياتنا اليومية
بشكل دائم ، سواءً من ضوءِ الشّمس أو ضوء المصابيح أو غيرها، ولا يُمكن لأحدٍ أن
يستغني عن ، ومن المعروف أنّ الضوء هو الجزء المرئي من الطيف الكهرومغناطيسي ، و
الذي يتراوح طوله الموجي بين 400 نانوميتر للون البنفسجي، و700 نانوميتر للون
الأحمر، وتقع باقي الألوان جميعها بين هذين الطولين الموجيين .
طبيعة الضوء :
نظرية نيوتن –(النظرية
الجسيمية) :
قبل بداية القرن الثامن عشر كان الاعتقاد سائد بان الضوء عبارة عن
جسيمات تصدر من المصدر الضوئي وتستحث حاسية النظر من خلال دخولها إلى العين وكان
المتزعم لهذه النظرية هو اسحاق نيوتن والذي اتمكن بهذه النظرية تفسير بعض الظواهر
العملية المتعلقة بطبيعة الضوء منها التحقق من صحة قوانين انعكاس الضوء .
وقد لاقت النظرية الجسيمية لطبيعة الضوء القبول من الكثير من العلماء
في ذلك الوقت ولم تستطع أن تعطي التفسير الجيد لبعض الظواهر الضوئية مثل انكسار
الضوء وتداخل الضوء .
نيوتن |
نظرية هيجينز – (النظرية
الموجية):
خلال تلك
الفترة (نيوتن كان لايزال حياً ) فقد افترض هيجنز نظرية اخرى لطبيعة الضوءوهي أن
الضوء عبارة عن نوع من أنواع الامواج واستطاع أن يفسر ويحقق قوانين الانعكاس
والانكسار باستخدام هذه النظرية .
ولم تلقى هذه النظرية ترحاب علمي في بداياتها
لعدة اسباب منها : أن جميع الامواج المعروفة قي ذلك الوقت (صوت ، ماء ، ... الخ)
تنتقل خلال وسط مادي بينما الضوء يستطيع ان ينتقل إلينا من الشمس خلال الفراغ ،
ومن ناحية اخرى إذا كان الضوء عبارة عن امواج فإن الموجة يمكنها أن تنعطف حول الزوايا.
ومعلوم الان بان الضوء له القدرة على الانعطاف
حول الحواف وتعرف هذه الظاهرة بالحيود diffraction مع انه ليس من السهولة
ملاحظة ذلك لان الضوء له طول موجي قصير .
وكما ذكرنا
سابقاً فلن هذه النظرية لاقت الفض من قبل الكثير من العلماء وخصوصاً بسبب سمعة
نيوتن في ذلك الوقت وشهرته .
هيجنز |
تجربة يونج (النظرية
الموجية):
وأول تفسير يبين
الطبيعة الموجية للضوء تم في عام 1801 م على يد العالم يونج Young الذي بين عملياً بأنه تحت
شروط معينة فإن الضوء يتبع ظاهرة التداخل والذي هو عبارة عن اتحاد موجتين لهما نفس
الطول الموجي ونابعين من نفس المصدر ليكونا مناطق مضيئة عند حدوث التداخل البناء
ومناطق مظلمة عند حدوث التداخل الهدام .
هذا السلوك من
التداخل لم تستطع النظرية الجسيمية تفسيره في ذلك الوقت لانه أن يتحد جسيمين ويلغي
بعضهما البعض غير منطقي ، وخلال تلك الفترة استطاع عالم آخر هو فوكلت Foucalt أن يبين بأن سرعة الضوء
في الزجاج والسوائل المفروض أن تكون أسرع منها في الهواء كما أن هناك تطور آخر في
القرن التاسع عشر قاد إلى القبول العام بالنظرية الموجية للضوء
.
نظرية ماكسويل :
أهم تطور يتعلق
بالنظرية الموجية للضوء كان العمل الذي قام به ماكسويل Maxwell سنة 1873م والذي بين
بأن الضوء شكل من اشكال الامواج الكهرومغناطيسية ذات الترددات العالية ، نظريته
تنبأت بأن هذه الامواج لابد أن يكون لها سرعة تساوي 3×10^8 م/ث والتي هي عبارة عن
سرعة الضوء .
واستطاع هيرتز أن يثبت ذلك عملياً سنة 1887 م
وذلك بانتاج وإلتقاط أمواج كهرومغناطيسية كما بين بأن تلك الامواج الكهرومغناطيسية
تسلك نفس سلوك الضوء من انعكاس وانكسار وكل خواص الامواج .
بالرغم من أن
النظرية الكهرومغناطيسية استطاعت تفسير الكثير من خواص الضوء إلا أن هناك بعض
الظواهر لم تستطع أن تعطيها التفسير المقبول إذا اعتبرنا أن الضوء عبارة عن أمواج
، من أهمها الظاهرة الكهروضوئية والتي هي عبارة عن تحرر إلكترون من المعدن عند
تعرضه سطحه لشعاع ضوئي .وقد بينت التجارب بأن الطاقة الحركية للإلكترون المتحرر لا
تعتمد على شدة الضوء المسلط وهذا بحد ذاته تناقض للنظرية الموجية التي تقول بأنه
كلما زادت شدة الشعاع المسلط كلما زادت الطاقة المضافة للإلكترون المتحرر .
ماكسويل |
نظرية بلانك – نظرية الكم :
في ديسمبر سنة
1900 استطاع الفيزيائي الألماني ماكس بلانك أن يهز الأوساط العلمية كلها عندما
أعلن أن طاقة الموجات الضوئية تقفز بصورة غير متصلة. وأنها مكونة من كمات ومفردها
: كم.
و نظرية الكم
هذه قد صدمت الاعتقاد العلمي السائد في ذلك الوقت بأن الطاقة تتزايد أو تنقص بشكل
متواصل بدون حد . وهذه النظرية الجديدة وجدت في الطبيعة أن الطاقة تزيد أو تقل
بكمات صغيرة صغيرة جدا الطاقة، وادى هذا
الاكتشاف إلى فهم جديد للطبيعة التي حولنا والتي تُدرس من خلال علم الفيزياء. قد
جعلتنا نقترب كثيرا من فهم اعمق لطبيعة المادة والاشعاع.
وتوصل الى
العلاقة الرياضية التالية :
E=hv
حيث ان Eتمثل كمية الطاقة
h: ثابت بلانك
V: تردد الضوء.
بلانك |
نظرية آنيشتاين :
لقد تم تفسير
هذه الظاهرة بواسطة نظرية آينشتاين سنة 1905 م والتي بنيت على مفهوم ماكس بلانك Max Planck الذي افترضه سنة 1900
م والذي يقول بأن طاقة الموجة الضوئية تكون متجمعة في حزم طاقية تسمى فوتونات ،
ولذلك يقال بأن الطاقة مكمأة quantized وبناءً على نظرية آينشتاين فإن طاقة الفوتون تتناسب مع تردد
الموجة الكهرومغناطيسية
ومن المهم أن
نلاحظ بأن هذه النظرية احتفظت بكلا النظريتين الضوئيتين (النظرية الموجية والنظرية
الجسيمية) وتفسير الظاهرة الكهروضوئية هو نتيجة لانتقال الطاقة من الفوتون المفرد
الى الكترون في المعدن ، أي انه حصل تجاذب بين الالكترون والفوتون الضوئي وكأن هذا
الالكترون اصطدم بجسيم وتبادل معه الطاقة ، وهذا الفوتون يسلك سلوك موجي لان طاقته
تتحقق بالتردد .
بالنظر الى كل
ما سبق نتوصل الى ان للضوء خاصية موجية وجسيمية , فاذا كان الضوء يتعامل مع موجات
اخرى فانه يظهر الخاصية موجية اما اذا كان الضوء مع جسيمات فانه يسلك سلوك
الجسيمات وهذا يخص جميع المواد كم سنرى
نظرية دي برولي .
آينشتاين |
دي برولي (لوي دوبروي)
العالم الفرنسي
لوي دوبروي Louis de Broglie سنة 1924 م على
اثباته حينما كان يعد اطروحته في
الدكتوراه فسأل : ان كان للضوء طبيعة
موجية فهل يمكن العكس،اي هل يمكن ان يكون للجسيمات مثل الفوتون والالكترون طبيعة
موجية؟ وخلص الى نتيجة مفادها ان كل جسم
في الكون يكون مصحوب بموجة خاصة به دائما.
لم يمضي الوقت
طويلا حتى استطاع العالمان الامريكيان دافيسون
C.J.Davisson و جيرمر L.H. Germar عام 1927 من اثبات تجريبيا
حصول تداخل بين الالكترونات. فقط سلطا
حزمة من الضوء على قطعة من النيكل بشكل عمودي وبطاقة 54 الكترون فولت.
فوجدا هناك مناطق مضيئة واخرى مظلمة عند زوايا محددة كمل يحصل في الاشعة السينية (النتيجة التي توصل
اليها العالم توماس يونغ قبل 125 سنة) ، فلم يكن هناك تفسير اخر لها سوى انه يحصل
تداخل بين الالكترونات المتبعثرة.
اعتبر
دوبروي ان لاي جسيم (الفوتون) مصاحب بموجة وبالعكس ، يعني
اي موجة كهرومغناطيسية لها خصائص جسيمية.
اذن بما ان
للفوتون الطبيعة الجسيمية فإذن له كمية حركة ويكمن وصفها حسب المعادلة التالية:
P = E/c = hc/ λc = h/λ *λ= h / p
حيث ان p هي الطاقة الحركية
للفوتون الضوئي.
من هذه
المعادلة نرى ان الطاقة الحركية للفوتون الضوئي تعتمد على الطول الموجي.
فعمم دوبروي
هذه المعادلة كما قلنا على جميع الاجسام.
وبما ان الطاقة
الحركية لاي جسيم تعتمد على كتلته m وسرعته v حسب العلاقة التالية P = mv
وبالتعويض في
المعادلة السابقة تصبح النتيجة λ = h / mv
من هذه العلاقة
يتبين انه كلما كانت حركة الجسم كبيرة كان الطول الموجي صغير وبالعكس.
الاختلاف بين
هذه الموجة والموجة العادية هو ان الاولى لا تمتلك اي طاقة ولكن لها نفس الخصائص
مثل طول الموجي والسعة والخضوغ لقوانين التراكيب والتداخل والبناء.
من المعلوم ان
طاقة الموجة العادية تعتمد على مربع السعة، بينما مربع السعة في الموجة الكوانتية
يعبر عن احتمالية وجود الجسيم في موقع معين.
بما ان الموجة
الكوانتية لا تحمل اي طاقة ، فإذن انها
غير قابلة للقياس والملاحظة.
كان هذا اخر
دليل الذي اعاد الانفاس الى النظرية الموجية واثبت بشكل القاطع ان للدقائق
الصغيرة طبيعة وقوانين خاصة
بها تختلف عن القوانين التي تتحكم بعالم الكتل الكبيرة.
المصادر :
طبيعة الضوء
Reviewed by Unknown
on
10:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: